2024-04-29


مكافحة الارهاب

لقد كانت سورية من أوائل الدول التي نبهت إلى أخطار الإرهاب، حيث دعت منذ ثمانينيات القرن الماضي، وعلى لسان الرئيس الخالد حافظ الأسد، رئيس الجمهورية العربية السورية آنذاك، وخلال زيارة رسمية إلى اليونان إلى عقد مؤتمر دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لتعريف الإرهاب وتمييزه عن نضال الشعوب ضد الاحتلال الأجنبي، ووضع اتفاقية دولية لقمع ومكافحة الإرهاب.

تؤمن سورية بأنَّ الأمم المتحدة هي المحفل الدولي الأساس لتنسيق وتعزيز الجهود الدولية الرامية للقضاء على الإرهاب الذي يمثل تهديداً للأمن والسلم الدوليين وسلامة واستقرار الدول ورفاه الشعوب.

إن نجاح الجهود الدولية لمكافحة الارهاب يقتضي التنفيذ الكامل والفعال للقرارات الدولية والصكوك الدولية الخاصة بمكافحة الارهاب. واهمها قرارات مجلس الامن رقم 1267(1999) و1373(2001) و1618(2005) و1624(2005) و2083(2012) و2129(2013) و2133(2014) و2161(2014) و2170(2014) و2178(2014) و2199(2015).

كما تؤكد على أهمية الابتعاد عن التسييس والانتقائية والمعايير المزدوجة في مكافحة الارهاب، والامتناع عن محاولة ايجاد المبررات لمرتكبي الأعمال الارهابية، والتوقف عن تصنيف الارهاب بإرهاب معتدل وآخر متطرف. وضرورة استبعاد جميع اشكال ومحاولات الربط بين الارهاب وبين حق الشعوب في النضال ضد الاحتلال الاجنبي لتقرير مصيرها، كما في الجولان السوري المحتل وفي الاراضي الفلسطينية المحتلة والاراضي اللبنانية المحتلة.

إن سورية مع اي جهد دولي حقيقي يصب في محاربة ومكافحة الارهاب بكافة اشكاله ومظاهره ومسمياته على ان يتم هذا الجهد في اطار الحفاظ الكامل على حياة المدنيين الابرياء واحترام السيادة الوطنية للدول ووحدة اراضيها ووفقاً للقانون الدولي وميثاق الامم المتحدة.

تتعرض سورية منذ قرابة الاربع سنوات لحرب ارهابية من نوع جديد تقاطع فيها الارهاب الدولي متعدد الجنسيات المدعوم من قبل دول عربية واقليمية ودولية بهدف ضرب سورية دولة وشعباً، وتفتيت الدول العربية في محاولة لرسم خارطة سياسية اقتصادية جديدة للمنطقة.

منذ بداية الأزمة في سورية ارتبط نشوء الاحتياجات الإنسانية وتفاقمها ببروز وتصاعد ظاهرة الإرهاب، وذلك مع قيام الجماعات الإرهابية المسلحة بالدخول إلى مناطق وقرى وأحياء مدنية آهلة بالسكان للسيطرة عليها ونشر الذعر والإرهاب بين سكانها واحتجازهم رغماً عن إرادتهم لاستخدامهم كدروع بشرية وحرمانهم من الخدمات الأساسية عبر تخريب وتدمير المرافق العامة ومؤسسات الدولة الخدمية.

وقامت حكومة الجمهورية العربية السورية، في ظل هذا الواقع، والتزاماً منها بمسؤولياتها الدستورية وواجباتها في حماية مواطنيها، بالعمل على استعادة الأمن والاستقرار في كامل الأراضي السورية، وتوفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها. حيث اضطلع الجيش والقوات المسلحة في الجمهورية العربية السورية بواجباتهم الوطنية في الدفاع عن اراضي الدولة ووحدتها ودرء الاخطار الارهابية التي تهدد امن وسلامة المواطنين السوريين.

لقد شكل التخريب المتعمد والممنهج الواسع النطاق الذي تعرضت له البنية التحتية ومؤسسات الدولة الخدمية السورية نتيجة لاستهدافها من قبل الجماعات الإرهابية المسلحة، إضافة للتأثيرات السلبية للإجراءات القسرية أحادية الجانب التي فرضتها بعض الدول على الأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين، عوامل أساسية ساهمت في تزايد الاحتياجات الإنسانية وتراجع إمكانيات الاستجابة لهذه الاحتياجات.

ان محاولات التدخلات العربية والاقليمية والدولية في الشؤون الداخلية لسورية ادى الى تعدد الجماعات الارهابية المسلحة الناشطة في سورية ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "الدولة الاسلامية في العراق والشام داعش، وجبهة النصرة، والجبهة الاسلامية وحزم ولواء التوحيد والجيش الحر واجناد الشام".

وإن استمرار تجاهل المجتمع الدولي للجرائم التي ترتكبها الجماعات الإرهابية المسلحة يقوض مصداقيته في حربه على الارهاب، ويعيق بشكل مباشر أو غير مباشر الدور الهام الذي يتوجب على الأمم المتحدة القيام به في مكافحة وقمع الإرهاب ومحاسبةِ داعميه ومموليه ومن يقوم بتسليحه بحياديةٍ تامة بعيداً عن التسييس.

كما تلاحظ سورية التجاهل المُتعمَّد للإرهاب الذي يضرب سورية بدعم من دول عربيةٍ وإقليميةٍ ودولية، وعلى رأسها السعودية وقطر وتركيا والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا واسرائيل. وقد وثقت تقارير الامين العام للأمم المتحدة التورط المباشر وغير المباشر لإسرائيل من خلال الدعم والتنسيق بينها وبين التنظيمات الارهابية وبالأخص تلك التي تنشط في منطقة الفصل في محافظة القنيطرة وعلى رأسها تنظيم جبهة النصرة الارهابي.

وقد أتت الصحوة المتأخرة لمجلس الامن بتبنيه للقرار رقم 2170(2014) كجهد متأخر في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشامISIL " الذي انصب قرار مجلس رقم 2170 (2014) على مكافحته مع تنظيم "جبهة النصرة ANF" وسائر ما يرتبط بتنظيم القاعدة من الافراد والجماعات والمؤسسات والكيانات. ان تنظيمي داعش وجبهة النصرة ليسا حديثي العهد ولم يأتيا كنتيجة للأزمة السورية، فقد كانت لجنة قرار مجلس الأمن رقم 1267 (1999) قد سبق وان أدرجت تنظيم داعش الارهابي، تحت مسميات مختلفة مثل:  "القاعدة في العراق" أو "تنظيم قاعدة الجهاد- بلاد الرافدين" أو "جماعة التوحيد والجهاد" أو "الدولة الإسلامية في العراق" أو "شبكة الزرقاوي" أو "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام" على قوائمها منذ مدة طويلة، الأمر الذي أكده مجلس الأمن في الفقرة العاملة رقم(18) من قراره  رقم 2170 والتي نصت بأن: "تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام جماعة منشقة عن تنظيم القاعدة، وأن تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة مدرجان في قائمة الجزاءات المفروضة على تنظيم القاعدة".

وقد أتى قرار مجلس الأمن رقم 2178(2014) ليعزِّز مفاعيل القرارات السابقة الخاصة بمكافحة الإرهاب، وبالأخص القرار 2170(2014)، عبر الطلب من الدول اتخاذِ إجراءات وضوابط فعالة على الحدود وفي إقليم الدولة لتشديد إجراءاتها الخاصة بمراقبة الحدود والتحقق من الهوية وثائق السفر، وتكثيف التعاون وتبادل المعلومات فيما بينها من أجل مكافحة عمليات تجنيد المقاتلين الإرهابيين الأجانب، المرتبطين بـ"داعش" و"جبهة النصرة" وغيرهما من خلايا تنظيم القاعدة أو الجماعات المرتبطة به أو المنشقة عنه أو المتفرعة عنه، ومنع تنقلهم وعبورهم، ومدهم بالمال والسلاح والعتاد، أو توفير التدريب للقيام بالأعمال الإرهابية أو تلقي ذلك التدريب، بالإضافةِ إلى منع الإرهابيين من استخدام التكنولوجيات والاتصالات الحديثة لنشر أفكارهم المتطرفة وفي التحريض على الأعمال الإرهابية. بالإضافةِ إلى التعاون لمكافحة التطرف العنيف، ومنع نشر الأفكار المتطرفة الداعمة للإرهاب، ودعم الأعمال الإرهابية أو الدعاية لها.

وتدعو حكومة الجمهورية العربية السورية الى ان تمتنع بعض الدول وبخاصة دول الاتحاد الاوروبي والدول الغربية عن استخدام المعايير المزدوجة في التعامل مع مواضيع مكافحة الارهاب، وعدم تلوينه بحسب الامزجة والسياسات، حيث اطلق العديد من مسؤولي دول الاتحاد الاوروبي صفة الجهاديين على المقاتلين الارهابيين الاجانب في سورية، وفي الوقت ذاته وصفوهم بالإرهابيين لدى عودتهم الى الدول الاوروبية. والامتناع عن توفير كافة أشكال الدعم للجماعات الإرهابية المسلحة، ولاسيما بالمال، والكف عن شراء النفط السوري المنهوب من قبل هذه الجماعات، وإلغاء القرار غير القانوني للاتحاد الأوربي بهذا الشأن.

لقد طالبت سورية الأمم المتحدة، منذ بداية الأزمة، بضرورة العمل الجاد لتجفيف منابع الإرهاب ووقف تمويل وتسليح وتدريب وإيواء وتهريب الإرهابيين، مشددة على أنه ينبغي على الدول التي تدعم الإرهاب في سورية وفي المنطقة أن تأخذ العبر من الوقائع والتجارب السابقة وتدرك أن التهديد الناشئ من تفاقم آفة الإرهاب يتعدى دول المنطقة ليصل إلى كل دول العالم وخصوصاً تلك الدول الحاضنة والداعمة له. وبالرغم من محاولة البعض تجاهل وطمس حقيقة ما يجري في سورية من إرهاب وقتل وتدمير ممنهج، وقيام بعض الدول بتجنيد آلتها الإعلامية لتحقيق هذا الهدف،  فإن إجماع مجلس الأمن على مكافحة الإرهاب ووقف تدفق ودعم وتمويل الإرهاب، كما نُصَّ عليها في القرارات رقم 2133(2014) ورقم 2170(2014) ورقم 2178(2014)، يؤكد صوابية ما كانت ولازالت سورية تنادي به.

لقد أعلنت سورية عن استعدادها وجاهزيتها للتعاون الإقليمي والدولي، من خلال إنشاء تحالف دولي أو إقليمي يحظى بدعم الشرعية الدولية، أو عبر التعاون الثنائي، لمكافحة الإرهاب، وأنها تدعم أي جهد دولي يصب في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومسمياته على أن يتم هذا الجهد في إطار الحفاظ الكامل على حياة المدنيين واحترام السيادة الوطنية ووفقاً للمواثيق الدولية. إنَّ مجلس الأمن مطالب اليوم بتوحيد جهوده مع جهود حكومة الجمهورية العربية السورية في مكافحة الإرهاب عبر تعزيز التعاون والتنسيق معها ووقف التدخل في الشأن السوري الداخلي ووقف دعم وتمويل الإرهاب والتحريض عليه وتجفيف منابع تمويله.

ترى الحكومة السورية بأن سياسات المجتمع الدولي ينبغي أن تنسجم مع ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ومع قرارات مجلس الأمن الخاصة بمكافحة الارهاب وبالأخص قراري المجلس رقم 2170(2014) و2178(2014) اللذين أقرا بأولوية مكافحة الإرهاب وتنظيماته مثل داعش وجبهة النصرة والتنظيمات المرتبطة بهما. وتود الحكومة السورية أن تشير إلى أن جدية بعض الدول في مكافحة الإرهاب تقتضي التوقف عن دعم وتمويل وتسليح وتدريب التنظيمات الإرهابية وتهريبها إلى داخل أراضي الجمهورية العربية السورية، والعمل تحت منظومة الأمم المتحدة ودون استثناء أحد، وليس من خلال بعض الدول التي مولت وسلَّحت وهرَّبت الإرهابيين إلى سورية بمن فيهم إرهابيو "داعش" و"جبهة النصرة" وغيرهما والذين جاؤوا من 83 دولة باعتراف رؤساء الدول التي حمل هؤلاء الإرهابيون جنسياتها وذكروا ذلك في بياناتهم التي أدلوا بها خلال الجلسة التي عقدها مجلس الأمن، على مستوى القمة، يوم 24 أيلول 2014. لقد أعلنت سورية استعدادها وجاهزيتها للتعاون الإقليمي والدولي، من خلال إنشاء تحالف دولي أو إقليمي يحظى بدعم الشرعية الدولية، أو عبر التعاون الثنائي، لمكافحة الإرهاب، وأنها تدعم أي جهد دولي يصب في مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله ومسمياته على أن يتم هذا الجهد في إطار الحفاظ الكامل على حياة المدنيين واحترام السيادة الوطنية ووفقاً للمواثيق الدولية.

إنَّ مجلس الأمن  مطالب اليوم بالتعاون مع حكومة الجمهورية العربية السورية لاستعادة أمنها من خلال الطلب من المجتمع الدولي وقف التدخل في الشأن السوري الداخلي ومكافحة وقمع الإرهاب والتحريض عليه وتجفيف منابع تمويله. إن إجماع مجلس الأمن على مكافحة الإرهاب ووقف تدفق ودعم وتمويل الإرهابي، كما نُصَّ عليها في القرارات رقم 2133(2014) ورقم 2170(2014) ورقم 2178(2014)، يؤكد صوابية ما كانت ولازالت تنادي به سورية من العمل الجاد لتجفيف منابع الإرهاب ووقف تمويل وتسليح وتدريب وإيواء وتهريب الإرهابيين. 

لقد أكَّدت سورية في مؤتمر جنيف على ضرورة إعطاء الأولوية لمكافحة الإرهاب وإنجاز المصالحة الوطنية لتحقيق الحل السياسي بين السوريين وبقيادة سورية، وأنَّ أيَّ حلٍ سياسيٍ للأزمة في سورية لا يمكن أن يتم إلاَّ من خلال الاعتراف بتطلعات الشعب السوري التي كانت الانتخابات الرئاسية التعددية، التي جرت داخل وخارج سورية في حزيران وتموز من هذا العام ونتائجها، والتي أشرف عليها برلمانيون من كافة أنحاء العالم إضافةً إلى أجهزةِ إعلام من أكثر من أربعين بلداً، أحد أكبر وأبرز تعبيرٍ عنها.